بسم الله و الصلاة و السلام علي رسول الله و علي اله و صحبه و من ولاه
أما بعد
تقتربت الساعة من الثامنة ...وقت الغروب ,
و السماء صافية الزرقة في لونها, ليس بها الا سحب بيضاء يقترب لونها من اللون الفضي الاّخذ للبصر
و تري في الافق بعض الطيور تطير في تجمعات بديعة عائدة الي عشها لتسكن اليه بعد طول سعيها علي رزقها و قد غدت خماصا و عادت بطانا كما وصفها صاحب القدرة المطلقة عز و جل علي لسان حبيبه المصطفي صلي الله عليه و علي اله و سلم
و ها هو الشفق الاحمر و قد اسدل ستائره علي الكون كله في تدرجات رائعة للون الاحمر تسر الناظرين بالرغم انه من الالوان الصريحة لكنه في هذا المشهد العظيم يكون مهديء للاعصاب و مريح للعين....تجلي الخالق
واذا نظرت علي مرمي البصر تري شريط ليس بسميك من البحر الغامض الزرقة ملاصق للسماء وكأنه امتداد عجيب لها و امواجه الهادئة تصحبك الي عالم من الخيال و الاعجاب به
استرخي قليلا و خذ نظرة شاملة علي ذلك المشهد الرائع
ياالله
انه نسيج متناسق للوحة ربانية رائعة لا يستطيع اي رسام مهما كانت مهارة ريشته ان تنقل مثقال ذرة من هذا الاحكام العظيم
لأن روعة المنظر ليس في ذلك و حسب ....فياللروعة حينما اجلس امام ذلك المشهد الرائع و اري تدرج كل شيء نحو اللون الاغمق... فالسماء تميل الي اللون الداكن..... و الشفق يضمحل تدريجيا....... و السحب يزيد بياضها شيئا فشيئا..... و النجوم تبدأ في التلألأ في دلال
و شريط البحر الرفيع يدكن لونه مع السماء و كأنهما متواعدان علي ذلك
هنالك أتذكر قول الله تعالي بديع السموات و الارض " والليل اذا عسعس " ....و لاول مرة افهم هذه الاية بجوارحي اي بعيني و بعقلي و وجداني
و الله ان لساني ليعجز ان يصف ذلك المشهد الرائع حق و صفه رغم اني اري هذا الجمال كل يوم من شرفة منزلي حيث اني اقطن في الطابق الاخير فيتسني لي رؤية هذا الابداع الالهي دائما فلن أجد اروع من ايات القران العديدة في وصف بديع صنع الله
و لكن
سوف أذكر نفسي و اياكم باية جميلة رقيقة فيها درس لنا جميعا
إِنَّ فِى خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَٱخۡتِلَـٰفِ ٱلَّيۡلِ وَٱلنَّہَارِ لَأَيَـٰتٍ۬ لِّأُوْلِى ٱلۡأَلۡبَـٰبِ (١٩٠) ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَـٰمً۬ا وَقُعُودً۬ا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَڪَّرُونَ فِى خَلۡقِ ٱلسَّمَـٰوَٲتِ وَٱلۡأَرۡضِ رَبَّنَا مَا خَلَقۡتَ هَـٰذَا بَـٰطِلاً۬ سُبۡحَـٰنَكَ فَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ (١٩١)
نعم أخوتي في الله هذا هو الدرس الذي يعلمناه اياه ربنا تبارك و تعالي و هو عبادة التفكر
هذه العبادة المنسية
التفكر في ملكوت الله عز و جل ...في الكون و في المخلوقات و ليس ذلك فحسب و ايضا هذه اللحظات تحمل الانسان الي ان يتدبر حكمة الله في الكون و في اقداره و حتي في الاحداث العابرة التي تمر بالانسان
فلينظر كل منا الي نفسه و الي ما يصيبه و الي ما يقسم له الله في حياته سوف يجد عجب العجاب
و ليتذكر كل منا ماذا كان ....و ماذا يكون الان.....و كيف يتبدل حال البشر من حال الي حال سيجد كل منا ان لله حكمة في كل شيء
يالها من عبادة مريحة للنفس مجددة للايمان و تزيد من يقين العبد بربه و من توكله عليه
فانها كانت نهج الانبياء من قبل
وكذلك نري ابراهيم ملكوت السماوات والارض وليكون من الموقنين" -سورة الانعام
و نحن اهل لهذه العبادة العظيمة لأن ديننا الذي أنزله ربنا تبارك و تعالي و كتابه الكريم الي قوم يتفكرون
و لعل جل التفكر هو ان نتفكر في اياته في كتابه الحكيم
تأمل معي هذه الايات
"وهو الذي مد الارض وجعل فيها رواسي وانهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين يغشي الليل النهار ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون" - سورة الرعد
ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والاعناب ومن كل الثمرات ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون"-سورة النحل
ومن اياته ان خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون "-سورة الروم
الله يتوفى الانفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الاخرى الى اجل مسمى ان في ذلك لايات لقوم يتفكرون - سورة الزمر
فسبحان الخالق العظيم
و صلي اللهم علي سيدنا محمد و علي اله و صحبه اجمعين
و الحمد لله رب العالمين
No comments:
Post a Comment